كتاب موقف ابن تيمية من الأشاعرة (اسم الجزء: 3)

4- الرد على البكري (1) ، المعروف بالاستغاثة.
وغيرها من الرسائل وأجوبة المسائل التي كان يسأل عنها، وشيخ الإسلام رد في هذه الكتاب والرسائل على من ضل في هذه الباب من الأشاعرة وغيرهم، خاصة أهل التصوف حيث يكثر فيهم الغلو ومن ذلك غلوهم في رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، وفي مشايخهم: سواء كانوا أحياء أو أمواتا.
والأشاعرة لما كان جل اهتمامهم العناية بتقرير توحيد الربوبية غفلوا عن تقرير توحيد الألوهية، وبيان ما يضاده من الشرك، وكان من آئار ذلك أن وقع بعضهم في ضلال مبين من جانبين:
أحدها: وقوع هذا البعض في أنواع من الشرك، ظنا منه أن ذلك لا يناقض التوحيد، يقول شيخ الإسلام- بعد رده على الأشاعرة بسبب اهمالهم لتوحيد الألوهية وعنايتهم بتوحيد الربوبية-: " ولهذا كان من أتباع هؤلاء من يسجد للشمس والقمر والكواكب، ويدعوها كا يدعو الله تعالى، ويصوم لها، وينسك لها، ويتقرب إليها، ثم يقول: إن هذا ليس بشرك، وإنما الشرك إذا اعتقدت أنها هي المدبرة لي، فإذا جعلتها سببا وواسطة لم أكن مشركا، ومن المعلوم بالاضطرار من دين الإسلام أن هذا شرك، فهذا ونحوه من التوحيد الذي بعث الله به رسله، وهم لا يدخلونه في مسمى التوحيد الذي اصطلحوا عليه " (2) .
وهذا المنهج الخطير الذي سلكه الأشاعرة أثر في كتاباتهم العقدية، فقلما تجد لعالم من علمائهم كتابا أو رسالة في بيان توحيد العبادة، وأنواع العبادة التي لا يجوز صرفها إلا لله، أو في بيان الشرك وأنواعه، أو حكم السفر لزيارة القبور والدعاء والنذر لها، بل على العكس من ذلك تجد الكثير فهم يميل إلى مثل هذه الشركيات أو ما هو من وسائله.
__________
(1) تقدمت ترجمته (ص: 238) .
(2) انظر: درء التعارض (1/227-228) ، وانظر: التسعينية (ص: 209) ، ونقض التأسيس - مطبوع- (1/481) .

الصفحة 977