كتاب موقف ابن تيمية من الأشاعرة (اسم الجزء: 3)

بأنها لا تخلو من الحوادث- أو بعبارة أخرى مستلزمة للأعراض أو بعضها- ثم قالوا وما لم يخل من الحوادث فهو حادث، ثم ان هؤلاء احتاجوا الى أن يقولوا: ما لم يسبق الحوادث فهو حادث، ثم منهم من تفطن الى أن هذا لا يكفي لإثبات الصانع فاضطر أن يقول بإبطال حوادث لا أول لها (1) .
فلما استقر الدليل عند هؤلاء قالت المعتزلة يجب نفي جميع الصفات عن الله تعالى لأن ما قامت به الصفات قامت به الأعراض، وما قامت به الأعراض فهو حادث، فجاءت الكلابية والأشعرية فقالوا بإثبات الصفات، وقالوا لا نسميها أعراضا. لكن الصفات الاختيارية حوادث فيجب نفيها طردا لهذا الدليل.
هذه خلاصة هذا الدليل، ولخطورته وأهميته، وتركيز شيخ الإسلام عليه في جميع كتبه تقريبا، وكونه يشير إليه أحيانا إشارات مجملة بناء على أنه فصل القول فيه في أماكن أخرى، ولأن هذا الدليل هو لب الكلام المذموم الذي ذمه السلف، وقد بين ذلك شيخ الإسلام مرارا ومن ذلك قوله: "إن هذه الطريقة
هي أصل الكلام الذي ذمه السلف والأئمة وتوسعوا في الكلام في ذلك من وجهين:
أحدما: أنهم [أي أهل الكلام] جعلوا ذلك أصل الدين، حتى قالوا:
إنه لا يمكن معرفة الله وتصديق رسوله إلا بهذه الطريق. فصارت هذه الطريق أصل الدين، وقاعدة المعرفة، وأساس الإيمان عندهم، لا يحصل إيمان ولا دين ولا علم بالصانع إلا بها، وصار المحافظة على لوازمها والذي فيها أهم الأمور عندهم ...
الوجه الثاني: وهو الكلام بذلك في حق الله سبحانه وتعالى [فإنه (2) ] كان من لوازم هذه الطريقة نفي ما جعلوه من سمات الحدوث عن الرب تعالى،
__________
(1) انظر: شرح الأصفهانية (ص: 264) - ت السعوي-، ودرء التعارض (1/302-303) .
(2) في المخطوطة فإن، ولعل الصواب ما أثبته.

الصفحة 985