كتاب موقف ابن تيمية من الأشاعرة (اسم الجزء: 3)

الْآفِلِينَ" [الأنعام: 76] ثم قلت: فنفى إبراهيم المحبة عن إله زائل، يعني أن الله إذا نزل من سماء إلى سماء أو نزل يوم القيامة لمحاسبة العباد، فقد أفل وزال كما أفلت الشمس والقمر، فتنصل من ربوبيتهما إبراهيم، فلو قاس هذا القياس تركي طمطماني أو ذي أعجمية ما زاد على ما قست عليه قبحا وسماجة، ويلك، ومن قال من خلق الله: إن الله إذا نزل أو تحرك أو نزل ليوم الحساب أفل في شيء، كما تأفل الشمس في عين حمئة ... " (1)
أما أقوال أهل اللغة والتفسير فقد سبقت الإشارة إليها قريبا.
وبهذا يتبين بطلان استدلالهم بقصة إبراهيم على ما يدعونه من دليل حدوث الأجسام (2) .كما يتبين أيضا بطلان من فسر الأفول بالإمكان كالرازي وابن سينا (3) ، ومن فسره بالعقول والنفوس كالغزالي (4) .
6- وشيخ الإسلام وهو يبطل دليلهم على حدوث العالم الذي هو دليل حدوث الأجسام، يذكر البديل عن ذلك، ويسوق أمثلة على الدليل الصحيح مبينا أن هؤلاء الدهرية الفلاسفة ليس معهم دليل صحيح على إثبات قدم شيء من العالم أصلا " بل غاية ما يستدلون عليه دوام نوع الفعل، وذلك لا يدل على قدم شيء معين للفرق بين العين والنوع الذي يعترفون بصحته، وإن لم يعترفوا بصحته لزم فساد مذهبهم من أصله (5) ".
وهذا ما سيرد في الفقرة التالية:
__________
(1) رد الإمام الدارمي عثمان بن سعيد على المريسي العنيد (ص: 412-413) - ضمن عقائد السلف.
(2) انظر أيضا: في مناقشة استدلالهم هذا الرد عل المنطقيين (ص: 304-307) ، ودرء التعارض (8/355-356، 9/82-84) .
(3) انظر في: مناقشتهما درء التعارض (1/314-315) ، ومنهاج السنة (1/144- 145) - المحققة، وأيضا (2/141-143) - المحققة. وكلام ابن سينا في الإشارات والتنبيهات (3/531-532) . ت سليمان دنيا وكلام الرازي في تفسيره (13/53-55) .
(4) انظر: الرد عليه في بغية المرتاد (ص: 360-374) ، ودرء التعارض (6/316 -318) .
(5) شرح الأصفهانية (ص: 141) - ت السعوي-.

الصفحة 995