كتاب القدر - ابن وهب - ت الحفيان
عن أبي هُريرة رضي الله عنه، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم بذلك (¬١).
(٨) - حَدَّثَنا عبدُ الله بنُ سُليمان بنِ الأشعثِ، قال: ثَنَا أحمدُ بنُ سعيدٍ الهَمْدانيُّ، قال: أبنا ابنُ وَهْبٍ، قال: أخبرني هشامُ بنُ سعدٍ، عن زيدِ بنِ أسلم، عن عطاء بنِ يَسار،
عن أبي هُريرة، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لَمَّا أنْ خَلَقَ اللهُ عزَّ وجلَّ آدمَ مَسَحَ على ظَهْرِهِ، فسَقَطَ مِنْ ظَهْرِهِ كُلُّ نَسَمَةٍ (*) يكون (¬٢) إلى يوم القيامة، فعَرضَهم على آدمَ، فرأى (¬٣) في وَجْهِ رَجُلٍ (¬٤) منهم وَبِيصاً (¬٥) من نُور، ورأى رَجُلاً منهم له وَبيصٌ* فأعجَبَهُ، فقال: مَنْ هذا يا رَبِّ؟
---------------
(¬١) قال ابنُ القيم: «فموسى -صلوات الله وسلامه عليه- أعرفُ بالله وأسمائه وصفاتِه من أن يلومَ على ذَنْبٍ قد تاب منه فاعِلُه؛ واجتباه ربُّهُ بعده وهداه واصطفاه.
وآدم -صلوات الله عليه وسلامه- أعرفُ بربِّهِ من أن يحتجَّ بقضائِه وقدره على معصيتِه، بل إنما لامَ موسى آدمَ على المُصيبة التي نالت الذُّرِّية بخروجهم من الجنَّة، ونزولهم إلى دار الابتلاء والمِحنة، بسبب خَطيئة أبيهم، فذَكَرَ الخَطيئةَ تنبيهاً على سببِ المُصيبة والمِحنة التي نالت الذُّرِّية، ولهذا قال له: أخرجتَنا ونفسَكَ من الجنَّة. وفي لفظٍ: خَيَّبتنا. فاحتجَّ آدمُ بالقَدَر على المُصيبة، وقال: إنَّ هذه المُصيبةَ التي نالت الذُّرِّية بسببِ خطيئتي؛ كانت مكتوبةً مقدَّرة قبل خَلْقي. والقَدرُ يُحتجُّ به في المَصائب دون المَعائب، أي: أتلومُني على مصيبةٍ قُدِّرت عليَّ وعليكم قبلَ خلقي بكذا وكذا سَنة؟ هذا جواب شيخِنا رحمه الله». «شفاء العليل» ص (٩٤).
[[* النَّسَمَةُ: الإنسانُ والنَّفسُ والرُّوحُ. وكلُّ دابَّةٍ في جَوفها رُوحٌ فهي نسَمَةٌ. «لسان العرب» (نسم).]]
(¬٢) كذا في (ظ) و (هـ)، ولم تُعجم بالأصل.
(¬٣) في الأصل: «فرات»، والمثبت من (ظ) و (هـ).
(¬٤) كذا في المخطوطات الثلاث. وجاء في «كتاب القدر» للفِريابي ومسند أبي يعلى: «في وجه كلِّ رَجُلٍ» وقد روياه من طريق ابن وهبٍ كما سيأتي.
(¬٥) في الأصل: «وبيص»، والمثبت من (ظ) و (هـ).
[[* الوَبيصُ: البَريقُ، وَبَصَ الشَّيءُ يَبِصُ وَبْصاً ووَبِيصاً وبِصَةً: بَرَقَ ولَمَعَ. «غريب الحديث» لأبي عبيد ٤/ ٣٣٣، و «اللسان» (وبص).]]
الصفحة 36
92