كتاب الإيمان للقاسم بن سلام - محققا

فَإِنَّ هَذَا رَحِمَكَ اللَّهُ خَطْبٌ قَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ السَّلَفُ فِي صَدْرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَتَابِعِيهَا ومَن بَعْدَهُمْ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا، وَقَدْ كَتَبْتُ إِلَيْكَ بِمَا انْتَهَى إِلَيَّ عِلمُه مِنْ ذَلِكَ مَشْرُوحًا مُخَلَّصًا. وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
اعْلَمْ -رَحِمَكَ اللَّهُ- أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ وَالْعِنَايَةِ بِالدِّينِ افْتَرَقُوا فِي هَذَا الْأَمْرِ فِرْقَتَيْنِ:
فَقَالَتْ إِحْدَاهُمَا: الْإِيمَانُ بِالْإِخْلَاصِ لِلَّهِ بِالْقُلُوبِ, وَشَهَادَةِ الْأَلْسِنَةِ وَعَمَلِ الْجَوَارِحِ.
وَقَالَتِ الفرقةُ الْأُخْرَى بَلِ الْإِيمَانُ بِالْقُلُوبِ وَالْأَلْسِنَةِ، فَأَمَّا الأعمالُ فَإِنَّمَا هِيَ تَقْوَى وَبِرٌّ، وَلَيْسَتْ مِنَ الْإِيمَانِ.
وَإِنَّا نَظَرْنَا فِي اخْتِلَافِ الطَّائِفَتَيْنِ، فَوَجَدْنَا الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ يُصَدِّقَانِ الطَّائِفَةَ الَّتِي جَعَلَتِ الْإِيمَانَ بِالنِّيَّةِ وَالْقَوْلِ والعملِ جَمِيعًا وَيَنْفِيَانِ مَا قَالَتِ الأخرى.

الصفحة 10