كتاب تسهيل السابلة لمريد معرفة الحنابلة (اسم الجزء: مقدمة)

أبان الخفايا بل إذا لبيانه ... أردت اختبارًا سحر باب يردف
مثقفة ألفاظه عذبة الجنا ... فما غير ذاك اللفظ قيل المثقف
طوى الموت من في العلم أصبح ساعيًا ... بعزم صحيح مقدمًا لا يسوف
قفوا خبرونا من يقوم مقامه ... ومن ذا بمحراب الهداية يعكف
قفوا خبرونا من يوقف طالبًا ... على غامض الآيات لا يتكلف
قفوا خبرونا من إذا ولي القضا ... فميزانه القسطاس ليس يطفف
ومن ذا تطيب النفس يومًا بقوله ... سواه ومن ذا بعده قيل منصف
هو الجبل الراسي تهدم ركنه ... قفوا نبكه يا أمة المصطفى قفوا
حوى من مواريث النبوة إِرثه ... وصارت به أعلام علم ترفرف
وفي موته الأعلام عادت إلى الثرى ... ورد به الأعلام ما منه خلفوا
تنكر هذا العصر لكن فإنه ... بطيب ثنا أبقاه فينا معرف
وقد لبست نجد ثياب حدادها ... على زوج فضل لا عن الحق ينكف
لئن مهد التمهيد مضجعه له ... فكوكب ما أبقى من العلم مشرف
سأبكيه بالدرين دمعي ومنطقي ... بسلك تآبين عليه تؤلف
أجاوب ورقاء الحمام بشجوها ... وأغلبها في لوعتي حين أهتف
سأنشد قبرًا حل فيه رثاءه ... وأعصي عذولًا شاء عن ذاك يصدف
فلهفي لا مدحي عليه تحولت ... رثاء بها تلك المدامع تنطف
ولكن فما بعد النبي محمد ... رجاء بقاء والخلد لا يتشوف
فما نحن إلا ركب موت إلى البلا ... صروف الليالي للمنية تقذف
فهذا سبيل العالمين جميعهم ... فذا لا حقٌ هذا وهذاك يسلف
فيا رب روي الروح في صوب رحمة ... فقد كان في الدنيا بها يتعطف
وروحه بالريحان والروح والرضا ... وألحق به في الحشر من فيه يشغف
وأرخ فقيه العصر حين رثائه ... قضى عالم الدنيا لمولاي يأزف

الصفحة 26