12…
وأقامت الحياة الآمنة المطمئنة التي كان يأتيها رزقها رغداً ومن كل مكان بإذن ربها وستبقى مدى الدهر نبراساً لكل من شاء الإستفادة منها والإستنارة بهديها وسننها.
فقد أخذت من كل من الإتجاه المادي والإتجاه الروحي بطرف، ووازنت بينهما ولم تسمح لأحدهما بالرجحان على الآخر، ونجحت إلى حد بعيد ووفرت لرعاياها في عهدها أياماً زاهية من الكفاية والأمن والحرية والكرامة والعزة.
ولعل ظهورها في مطلع وجود هذه الأمة، كان بفضل الله لتظل المثل الإمام، والقدوة الراشدة التي يسعى الناس من بعدها لترسم خطواتها، والإسترشاد بهداها.
ولقد قدمنا كابنا هذا وهو يرسم صورة تقريبية عن هذه التجربة الإسلامية الرائدة في الحكم والنظيم في صدر دورها الطليعي، مقارنة بما كان عليه المجتمع العربي قبلها، ليكون بين يدي القارئ في هذا العصر، وليرى مدى ما كان لها من أثر فعال في إصلاح المجتمع الإنساني يومذاك، وإنقاذه من متاهاته النفسية والإجتماعية والمادية التي كانت تشده إلى الأرض وتخلد به إلى التراب وما يخرج من التراب، وتصرفه عن هداية الله التي سيبقى فيها للإنسان وحدها الخير كل الخير والبر كل البر، وليتيسر له في معرض مطالعاته عن أنظمة هذا العصر وقراءاته عنها وعن أيديولوجياته المتنوعة المقارنة والإختيار ...