17…فإنها ذات مناخ صحرائي شديد الحرارة كثيف الجفاف ما عدا اليمن الذي تكثر فيه الأمطار، ويشيع فيه الخصب وتكثر الخضار.
وقد ذكر الله تعالى في كتابه من الآيات ما يشير إلى هذا حيث يقول: (بقد كان لسباء في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور) (1).
ومناخ شبه الجزيرة الصحرائي هذا، جعل أكثر بقاعها صحارى قاحلة جرداء، وأثر إلى حد بعيد في حرمانها من المناخ الحضاري المدني، فأجبر الإنسان فيها من القديم على هجران الكثير من مناطقها زاليأس من تكوين المجتمعات فيها، واللجوء إلى البعض، وهو القليل منها، الذي حبته الطبيعة شيئاً من طراوة المناخ وخصب الأرض، ليبني عندها مسكنه وينشء عشيرته.
وهكذا فقد كانت جبال الطائف، ومسارحها الخضر تمون مكة بالأخشاب الصالحة للبناء والوقود.
كما عرف وادي القرى بكثرة بساتينه وغزارة مياهه وتعدد قراه. وهو طريق دولي ما زالت تسلكه القوافل البشرية في سعيها ما بين الشام واليمن. يقول الله تعالى في كتابه الكريم واصفاً هذا الواقع: (وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي وأياماً آمنين) (2).
وقد عاد إلى الجزؤرة في هذا العصر بفضل الثروة البترولية التي اكتشفت حديثاً ودرت على المملكة العربية السعودية وفير الموارد، عاد إليها الكثير من زهوها القديم. وربما زاد على ذلك كثيراً. فقد نقلت إلينا…
__________
(1) سبأ /15.
(2) سبأ / 18.