24…سكنتها منذ زمن عريق قبائل عربية بدليل أن اسمها ورد في الكتابات المعنية الذين استعمروها في جملة مستعمارت أخرى على طول الطريق التجاري حتى تخوم الشام (1).
وقد ذكرها بطليموس في جغرافيته واصطفيانوس البيزنطي.
وقد اشتهر امسها قبل أن تصبح مهاجر الرسول صلى الله عليه وسلم بأنها "يثرب" (2).
وورد كذلك في القرآن الكريم في سورة الأحزاب.
قال تعالى:
(وإذ قالت طائفة منهم يأهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا) (3).
كما ورد اسمها فيه بأنه "المدينة"، قال تعالى:
(يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل) (4).
وقال السهيلي:
"إن طائفة من بني إسرائيل لحقت بأرض الحجاز حين دوخ بختنصر البابلي في بلادهم وجاس خلال ديارهم، فحينئذ لحق من لحق منهم بالحجاز كقريظة والنضير وسكنوا خيبر والمدينة.
وهذا معنى ما ذكره الكبري.
وأما يثرب فاسم رجل نزل بها أول من العماليق فعرفت باسمه.
وهو يثرب بن قاين بن عبيل بن مهلاييل بن عوض بن عملاق بن لاود بن ارم.
وفي بعض هذه الأسماء اختلاف.
وبنو عبيل هم الذين سكنوا الجحفة، فأجحفت بهم السيول، وبذلك سميت الجحفة.
فلما احتلها الرسول صلى الله عليه وسلم كره لها هذا الاسم، أعني "يثرب" لما فيه من لفظ التثريب، وسماها طيبة والمدينة.
فإن قلت كره اسماً سماها الله في القرآن به، وهو المقتدي بكتاب الله، وأهل ألا يعدل عن تسمية الله؟ قلنا…
__________
(1) مكة والمدينة أحمد ابراهيم الشريف / 290.
(2) المفصل في تاريخ العرب لجواد علي 4/ 130.
(3) الأحزاب /33.
(4) المنافقون / 8.