26…يعتمد ناماً تخيطيطياً مدروساً دراسة مسبقة، بل كان على الأغلب يعتمد رغبات البطون المرتجلة.
وهكذا كان لكل بطن حي.
ولكل حي أراضيه الزراعية ومنطقته السكنية الخاصة، وسكانه وحصونه وآطامه.
ولقد كانت الحصون هذه تملك غالباً من الأسر العريقة، وتمثل مكانة هامة لدى اليثربيين لأنهم كانوا يفزعون إليها في الحروب لدى هجوم العدو وغارته عليهم، ويجدون فيها الملجأ الحصين الذي تأوي إليه النساء والأطفال والعجزة نجاة من العدو بأنفسهم من أذى القتل والقتال والعذاب والتنكيل واساليب الإنتقام، كا كانوا يتخذون منها عنابر لتخزين الغلال الموسمية وكنز الأموال وحفظ المقتنيات الثمينة والأسلحة.
ولقد كان في كل حصن أو أطم، بئر أو أكثر يزود اللاجئين إليه بمياه الشرب والخدمة في أوقات الحرب وأزمنة الحصار.
كما كان فيه بعض المعابد إذا كان خاصاً باليهود وبعض بيوت المدارس، يلتقي فهيا زعماؤهم للتشاور وتقليب الأمور حين تنزل بهم واقعة أو يصيبهم كرب، أو عندما يهتمون بأمر ذي شأن يرتبط بقضية مصيرية (1).
وهكذا فقد كان انتشار مساكن وسكان يثرب في أحيار عديدة موزعة على عدد من البطون، بحيث كان لكل منها حية ومجموعته السكنية المكتفية بأراضيها الزراعية وبمحاصيلها، وبمراكز الحماية الخاصة بها المستوفية لأهم الشروط التي تكفل لها منعتها وقدرتها على الصمود في جه اي عدوان عند الإقتضاء.
وكذلك كان أيضاً لكل حي من أحياء اليهود أو بطن من بطونهم مزارعه وحصونه ومرابعه.
…
__________
(1) مكة والمدينة لأحمد الشريف /293.