27…لقد كانت يثرب تتكون من مجموع تلك الأحياء أو البطون ومقتضيات منعتها وحاجاتها الإجتماعية والإقتصاية قبل هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إليها.
فكانت مقتسمة بين العرب واليهود، ولكن الكلمة العليا كانت فيها للعرب.
الأوس والخزرج:
ويذكر بعض المؤرخين أن النبي داوود غزا أقدم من سكنوا المدينة.
وهم قوم يقال لهم "صعل وفالج" وأسر منهم طرفاً، وأهلك طرفاً آخر لا تزال قبورهم بناحية "الجرف".
وتفيدنا الأخبار أيضاً، بأن "العماليق" سكنوها فترة من الزمن إلى أن أرسل إليهم النبي موسى عليه السلام جيشاً انتصر عليهم وعلى من كان ساكناً منهم في "تيماء" وقتلهم ولم يترك منهم أحداً، وأسكن مكانهم اليهود، وأنه نزل عليهم فيما بعض بعض القبائل العربية فشاطروهم المدينة واتخذوا فيها المنازل والحصول والأموال.
ومنهم بنو "أنيق" وهم حي من "بلى" ويقال إنه بقية من العماليق.
وكذلك بنو "مريد" وبنو معاوية وبنو الجذمى (1).
وبقال إنه لما وقع حادث "سيل العرم" أجمع عمرو بن عامر بن حارثة بن ثعلبة الخروج من مأرب في اليمن، فباع ماله.
وتفرق ولده في الجزيرة.
فنزلت الأوس والخزرج "يثرب" وارتحلت غسان إلى الشام.
وتوجهت الأزد إلى عمان، وخزاعة إلى تهامة.
وإن الأوس والخزرج لما أقامتا في يثرب ورأتا المال والآطام والنخيل في أيدي اليهود، ووجدتا معهم العدد والقوة، عقدتا معهم حلف جوار يأمن به بعضهم بعضاً.
ويمتنعون به فمكثوا معهم أمدً، وبقوا كذلك دهراً حتى نقض اليهود عهد…
__________
(1) فتوح البلدان للبلاذري 4/ 461 وما بعدها.