كتاب مجتمع المدينة قبل الهجرة وبعدها

274…تتمكن من نفسها فتعيش في أجواء ربانية نقية من ظواهر الشرك والضلال.
بينما العبودية لغير الله هي تخبط في عبادة آلهة شتى وأرباب متعددين متفرقين، عبادة المال أو الجاه أو السلطان أو الحب أو الهوى أو بعض المخلوقات.
لقد شرع الله العبادة وفرضها على الناس له لتخلصهم من ضيق الدنيا وتفتح لهم آفاق الإيمان الرحيب ولتجعلهم دوماً في ذكر من نعم الله التي لا تحصى والتي تغمرهم في ذاتهم وفي حياتهم اليومية حتى يرث الله الأرض ومن عليها يقول الله تعالى: (الله الذي خلق السموات والأرض وأنزل من السماء ماءً فأخرج به من الثمرات رزقاً لكم وسخر لكم الفلك لتجري في البحر بأمره وسخر لكم الأنهار وسخر لكم الشمسَ والقمر دائبين وسخر لكم الليل والنهار وآتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار) (1).
وظلم الإنسان هذا يتجلى وضوحه فيما عجب منه رب العالمين في الحديث القدسي الذي يقول: " إني والجن والإنس في نبأ عظيم أخلق ويعبد غيري.
وأرزق ويشكر سواء.
خيري إلى العباد نازل وشرهم إليً صاعد.
أتحبب إليهم بنعمي وأنا الغنيُ عنهم، وفيتعرضون إليً بالمعاصي وهم أفقر شيء إليً " (2).
فضل العبادة بالإجمال:
وهكذا فقد أحدثت تشريعات العبادة هذه في المجتمع المدني ومن ثم في المجتع العربي كافة ثورة بعيدة الأثر في مفهوم الحياة وهدفها…
__________
(1) إبراهيم / 32 - 34.
(2) العبادة في الإسلام للشيخ يوسف القرضاوي /109.

الصفحة 274