كتاب مجتمع المدينة قبل الهجرة وبعدها

278…ومن أجل هذا أيضاً كان على التاجر التزام الصدق في المعاملات وحسن المطالبة وحسن الوفاء.
وكان ملزماً بألا يقدم على بيع الأعيان المحرمة، أو عقد الإجارة على معصية.
ذلك أن الشريعة الإسلامية تقرر في عمق مبادئها وأصولها ضمان الصالح الجماعي، وأن حقوق الأفراد ووسائلهم تبقى موجهة مقيدة به.
وحرية افرادة عند الفرد مقيدة.
وليس له أن يبرم من العقود ما شاء أو يشترط من الشروط ما يريد، لأن إبرامه للعقود وشرطه للشروط مقيد بما لا يتعارض مع الصالح العام ذكر ذلك أو لم يذكر، والناس في ذلك سواء (1).
الحظر والإباحة:
وبيسير منالتتبع للخطوات التشريعية في باب الحظر والإباحة، كالمطاعم والمشارب وأنواع السلوك والتكاليف عامة في أبواب العبادات والمعاملات والأحوال الشخصية والجهاد والحدود والقصاص، يبدو جلياً لكل بصير وضوح الانسجام فيما بينها، وعميق ترابطها وتماسكها لبيان الهيكلية الشتريعية في إطار الإيمان بالله الواحد القهار، الهادفة بجماعها غلى حفظ مصلحة الإنسان فرداً وجماعة ومؤسسات ودولة.
الأمر الذي يكشف لنا سر نجاح محمد صلى الله عليه وسلم في إقامة قواعد مجتمعه المدني، ومن ثمة أمته المتماسكة ودولته الرائدة ..

__________
(1) راجع الحاشية على هامش الشرح الصغير على أقرب المسالك إلى مذهب الإمام مالك لأبي البركات 3/ 5 طبع دار المعارف بمصر.

الصفحة 278