كتاب مجتمع المدينة قبل الهجرة وبعدها

280…الإنسان العربي للخروج من عزلته المضروبة عليه بفعل التقيد بقبيلته وجماعته الخاصة، وبالتالي تحريك المجتمع العربي بعد جمود مميت وطويل.
الثأر في الإسلام:
وقد استطاع الإسلام أيضاً في هذه المرحلة المباركة أن يلغي قاعدة الثأر العربية القديمة ذات السلبيات الكثيرة، والتي كانت سبباً للعديد من المآسي السود على الجزيرة ومن فيها، وأن يقيم على أنقاضها قاعدة (كل امرئ با كسب رهينٌ) وأنه (لا تزر وازرةٌ وزر أخرى) بل تمكن في بعض الأحيان من حمل الناس، بما شجعهم عله من آداب، وزرعه فلي نفوسهم من مفاهيم عليا، على تغليب فكرة العفو والمسامحة التي ركز عليها الكتاب الكريم بقوله:
(وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خيرٌ للصابرين) (1) وقوله:
(وجزاءُ سيئةٍ سيئةٌ مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين) (2) وقوله:
(ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوةٌ كأنه وليٌ حميمٌ وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم) (3).
الإسلام والمساواة أمام القانون:
وقد تمكن الإسلام من ترسيخ مبدأ العدل والمساواة بين جميع المؤمنين، بحيث لم يعد من فضل لشريف على سوقه ولا لأبيض على…
__________
(1) النحل / 126.
(2) الشورى / 4.
(3) فصلت / 34 - 35.

الصفحة 280