كتاب مجتمع المدينة قبل الهجرة وبعدها

281…أسود ولا لعربي على أعجمي إلا بالتقوى والعمل الصالح.
وهكذا أصبح كل الناس سواء أمام القانون، فلا يعفى إنسان من عقوبة لنسب يمتاز به أو مكانة اجتماعية يشتهر بها.
يشهد بذلك ما روته عائشة رضي الله عنها:
إن قريشاً أهمتهم المرأة المخزومية فقالوا:
من يكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن يجترئ عليه إلا أسامة حب رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلم رسول الله، فقال صلى الله عليه وسلم:
"أتشفع في حد من حدود الله "؟ ثم قام فخطب فقال: "أيهاالناس إنما ضل من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق الشريف فيهم تركوه وإذا سرق الضعيف فيهم أقاموا عليه الحد.
وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها " (1) وكذلك موقف عمر رضي الله عنه من جبلة بن الأيهم الذي صفع أحد الأعراب على وجهه وهو من مزينة، ذلك الموقف الذي أصر به رضي الله عنه على الاقتصاص من جبلة للأعرابي، الأمر الذي حمل جبلة علىالفرار ليلاً والارتداد عن الإسلام.
تحريم وأد البنات وقتل النفس بغير حق:
وقد حرم عادة وأد البنات التي كانت شائعة قبل الإسلام في بعض القبائل العربية بسبب الفقر أو خوف العار وذلك بقوله تعالى:
(ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطئاً كبيراً) (2) وبقوله:
(وإذا الموؤدة سئلت بأي ذنب قتلت (3) كما حرم قتل النفس عامة بغير نفس وبغير حق ظلماً وبغياً.
وجعل أمر القصاص فيمن قتل مظلوماً إلىالسلطان وحده الذي يطبق القانون علىالقاتل وحد الله تعالى…
__________
(1) فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر 2/ 78.
(2) الإسراء /31.
(3) التكوير / 8 - 9.

الصفحة 281