كتاب مجتمع المدينة قبل الهجرة وبعدها

289…الظالمين والأشرار، لدفع خطر الظلم والشر والإثم والبغي، بدأت معه من نعومه أظفاره يوم وقعت حرب الفجار بين قيس وقريش ومعها كنانة.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم مع قومه.
وقد ذكر حرب الفجار هذه وقال: " قد حضرته مع عمومتي ورميت فيه بأسهم وما أحب أني لم أكن فعلت " وكان يوم حضر ابن عشرين.
فإنه قد اجتمعت بعده بنو هاشم وزهرة وتيم في دار عبد الله بن جدعان، فصنع لهم طعاماً، فتعاقدوا وتعاهدوا بالله " لنكونن مع المظلوم حتى يؤدى إليه حقه ما بل بحر صوفه " فسمت قريش ذلك الحلف حلف الفضول، وقد حضره صلى الله عليه وسلم وقال فيه:
" ما أحب أن لي بحلف حضرته بدار ابن جدعان حمر النعم وأني أغدر به، هاشم وزهرة وتيم تحالفوا أنيكونوا مع المظلوم مابل بحر صوته.
ولو دعيت به لأجبت وهو حلف الفضول " (1).
سياسة التحالف مع الجوار:
ولم يقتصر أمر سياسته هذه على هاتين الخطوتين، خطوة التأخي بين أتباعه المؤمنين، ثم خطوة موادعة اليهود.
بل اتسع بحيث شمل ما حول المدينة، إذ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم ببعث العديد من السرايا إلى خارج المدينة وفي كل الجهات التي تحيط بها، بقصد استكشاف ما قد يكون قد بيت البعض عليها من عدوان أو ما شابه ذلك، وللمحافظة على حدودها وحمايتها من أي غزو مفاجئ.
التنظيمات العسكرية:
بيد أن هذه المحالفات كان لا بد لها من قوة وراءها تحمي عقودها وتنفذ ما قد ورد فيها من بنود وقرارات.
وكان لا مناص من التحضير…
__________
(1) طبقات ابن سعد / 129.

الصفحة 289