كتاب مجتمع المدينة قبل الهجرة وبعدها

190…لاحتمال قيام مجابهات عسكرية مع الجوار فيما لو لم يشأ بعضهم الإلتزام بالحق والعدل، وبخاصة مع قريش التي ما فتئت تبينت له العداوة وتحضر له يوماً مشهوداً.
وهكذا فقد حصد الرسول صلى الله عليه وسلم ثمرة هذه السياسة الحكيمة فاجتمعت كلمة أصحابه وصاروا كالبنيان المرصوص.
وأمن خطر اليهود المجاورين له بما اقامه معهم من عقد موادعة، كما أمن خطر المحيط بما كان يقوم به من فترة إلى أخرى من إرسال السرايا التي تثبت حضوره وقيام قوة رادعة بين يديه ..
وتقيم له المهابة في النفوس.
بداية المعارك والانتصارات:
ولم تكد تطل عليه السنة الثانية بعد إقامته في المدينة حتى رأى المسلمون أنفسهم في بدر بقيادة الرسول صلى الله عليه وسلم وجهاص لوجه أمام جيش قريش اللجب الذي جاء المدينة ليحمي قافلة لقريش أوشك المسلمون أن يصادروها، وليبقى طريق القوافل الذي تسلكه قوافل قريش آمناً سالكاً لا يهدده أحده.
وبعد أن انتصر الرسول ومن معه من المسلمين على قريش في معركة بدر الكبرى وكسر لأول مرة في تاريخ الجزيرة شوكة قريش ومن كان يحالفها يومذاك، فقد سجلت كتب السير معارك متلاحقة وعديدة بين المسلمين بقيادة الرسول صلى الله عليه وسلم وبين قريش بقيادة أبي سفيان ابن حرب مع من كان ينضم إليها من القبائل أكدت كلها عزة المؤمنين وارتفاع مشاعرهم بقيمهم الذاتية والدينية، وشدت أواصر وحدتهم، وبسطت هيبتهم ونفوذهم على من حولهم من الأعراب بل وعلى الجزيرة كلها.
وجاءهم الوفود من كل فج عميق يعلنون ولاءهم لهم وحرصهم على أن يعقدوا…

الصفحة 290