191…معهم اتفاقات التعاون والتناصر وحسن الجوار.
تمكن المؤمنين من اليهود:
ولم يمض وقت طويل حتى كان هذا المجتمع الإسلامي المدني الصغير الذي لم الرسول صلى الله عليه وسلم شعثه وجمع شتاته من القبائل والبطون المبعثرة في المدينة وما حولها، قد استكمل أحسن مقومات الجماعة المتماسكة من القوة المعنوية والعسكرية والسياسية، واستطاع التصدي لأبرز المشاكل الاجتماعية والسياسية استعصاءً عندما كانت تعترض تمام وحدته وكمال قوته.
ولقد أحسن اليهود بهذه القوة وبخاصة بعد انتصاره صلى الله عليه وسلم على قريش يوم بدر، وأدركوا نماءها وتعاظمها مع الزمن وبداية خطرها علىكيانهم ووجودهم، فأخذوا ينشطون في داخل المدينة بإثارة المنازعات بين أتباعه عن طريق تذكيرهم بثارات الماضي وحروبه، ثم بإيجاد أجواء سوداء من النفاق والدس والتآمر حول الرسول والتشكيك بالدعوة، حتى نشأت جماعة من المنافقين يعلنون الإسلام ويبطنون الكفر ويظهرون المحبة ويخفون العداوة والبغضاء، كل ذلك وهم يقصدون إرباك الرسول وضعضعة كيانه الجديد.
وتفريق الناس من حوله وإثارة موجات التشويش عليه وعلى رسالته بما اختلقوه من أكاذيب ولفقوه من تهم وشكوك حوله وحول بيته وأتباعه وشريعته.
كما كانوا ينشطون بمساعي يقوم بها زعمائهم في الخارج، ليؤلبوا عليه قريشاً والأعراب، وليدفعوهم دفعاً إلى قتاله.
ولم تكن هذه التصرفات لتخفى على الرسول صلى الله عليه وسلم.
كما لم تكن مقاصدها أيضاً لتنطلي عليه.
ولكنه مع ذلك كان يعالجها بما آتاه الله من رفيع الأدب، وعظيم الحكمة والدراية والحنكة وبالإحسان والصبر، إلى أن طفح الكيل وبلغ السيل الزبى، فوقعت له معهم وقائع حربية أنهت…