192…وجودهم كلياً من المدينة المنورة وما حولها، وصفا الجو كله فيها للرسول صلى الله عليه وسلم وصحبه المؤمنين، وأمن في الداخل من أن يكون معه من يضايقه أو يتآمر عليه كما كان يفعل به اليهود وجماعة المنافقين.
ولما انتقل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى بعد عشر سنوات تقريباً من التنظيم والتربية والتعليم والتأديب والسهر الدؤوب على المصلحة العامة، والعمل السياسي والعسكري والاجتماعي، كان الإسلام، بفضل الله تعالى، قد اكتسح ما حوله من دعاوى الوثنية والشرك وأغرق الجزيرة بأنواره، التي كشفت ظلمات الجهالات والضلالات، أو كانت في طريقها لشكف ذلك، وهيأتها لتسير في طريق الله الواضح المستقيم وتستلم زمام المبادرة في كل أمر من الأمور صغيراً أو كان كبيراً ...
من سياسة الإسلام الحكيمة:
ولقد كان من أبرز تخطيط السياسة الإسلامية، أنالرسول صلى الله عليه وسلم كان في فترة رسالته، وبالذات في المرحلة التي قاد فيها الجماعة الإسلامية وأدار أمورها وتحركاتها العسكرية والاجتماعية والإدارية، يعلم الناس ويعظهم ويزكيهم ويتلو عليهم آيات الله البينات والحكمة التي كانت تتنزل عليه بين الحين والآخر، ويمكن أعينهم وبصائرهم من رؤية مظاهر الخير والهدى والشر والضلالة، ولكنه كان دوماً يؤكد لهم أنه بشر مثلهم يمتاز عليهم فقط بما يوحيه الله إليه.
وكان القرآن الكريم يؤكد هذا المعنى فيقول: (قل إنما أنا بشرٌ مثلكم يوحى إليً أنما إلهكم إلهٌ واحدٌ فاستقيموا إليه واستغفروه وويل للمشركين) (1).
…
__________
(1) فصلت / 6