كتاب مجتمع المدينة قبل الهجرة وبعدها

300…
الهجرة إلى الحبشة، فراراً بدينهم ونجاة بأرواحهم، ومع ذلك فلم يرو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه اتخذ في هذه المرحلة أي قرار بالمجابهة والقتال.
بل الذي عرف عنه واشتهر أنه كان يوصي أصحابه عندما يراهم يلقون ما يلقون من العذاب والنكيل، بل عندما رأى بعضهم قد قتل في سبيل الله، كان يوصي أصحابه بالصبر الجميل.
ولقد هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهاجر معه من مكة من تمكن من أصحابه، ولم يعرف أنه قد تصدى لأحد في مكة أو خارجها بأذى أو مقاومة ...
كانيبلغ رسالة ربه ويدعو الناس إليها بالحكمة والموعظة الحسنة ويبصرهم بما هم عله من الزيغ والانحراف والضلال، يكشف لهم بالبراهين والبين الشافي الرفيع سبيل الهدى وطريق النجاة.
ولما هاجر إل المدينة تابع منهجه وسلك الخط نفسه، فعكشف على هداية الناس وتوجيههم، ولكنه زاد بأن أخذ في إنشاء المجتمع الجديد على أسسه الإسلامية الصحيحة بعد أن توفرت له المسوغات لذلك.
ولقد ثب أنه عندما وضع أسس مجتمعه الجديد، كان ف مقدمتها الإيمان بالله الواحد القهار والتسليم له، وأن المؤمن أخ للمؤمن لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره، فكان المجتمع الناشئ مجتمع الإيمان والإخاء ومجتمع التعلم والتعاون والتفاهم.
مجتمع السلام:
بل إنه عندما شاء أن يتخذ لهم شعاراً يتبادلونه بينهم ويرفعونه لدى كل لقاء، اتخذ شعار السلام، والأمان، فجعله العبارة التي يتبادلها أصحابه عند كل لقاء واجتماع، وهو لم يكتف بذلك، بل جعل هذا…

الصفحة 300