302…الضلال والحيرة والتمزق حتى هبط فيها الوحي على قلب محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، وتدفقت منه وعلى لسانه ومن بين يديه ينابيع النور على رحابها وقراها ومدنها وفي جميع أطرافها وآلت مثابة للناس وأمناً ...
السمات الأولى لمجتمع المدينة:
ولقد كانت السمات الأولى لمجتمع المدينة أن أصبح على يدي محمد بن عبد الله وبقيادته مجتمع الإيمان بالله ومجتمع التوحيد المترفع عن ضلال الشرك ما ظهر منه وما بطن والوثنية والأوثان، وكل ما يتصل بها من الكهانة والعرافة والسحر والتنجيم والخرافات والعادات القبيحة التي كانت مستحكمة من نفوس وطباع الأعراب، والتي كانت تفسد حياة الأفراد والمجتمعات، والمترفع عن أساليب التعامل الباطلة كالربا والميسر والخمر والإنصاب والإزلام والتطير وغير ذلك.
إنه المجتمع الذي أعلى كلمة التوحيد وشعاراته مثل قوله تعالى:
(الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السموات وما في الأرض من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيٍ من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يؤده حفظهما وهو العلي العظيم) وقوله:
(قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت ونا أول المسلمين) (1) وقوله:
(قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله لما جائني البينات من ربي وأمرت أن أسلم لرب العالمين) (2) …
__________
(1) الأنعام / 162 - 163.
(2) غافر / 66.