كتاب مجتمع المدينة قبل الهجرة وبعدها

313…
وكل ذلك قد مكنه من أن يجمع قواه الخاصة به، وأن يهيئ صحابته من خلال تربيته وتوجيهه وسهره ورعايته لهم، ليكونوا نواة أمة راشدة تصون ذاتها بأسمى العقائد والشرائع والآداب ف وجه كل اعتداء قد يقصدها ويبغي النيل منها.
12 - منهجه المسالم كان له الأثر البعيد:
أن انطلاقة الرسول صلى الله عليه وسلم بدعوته في مجتعه الناشئ تابعت الخط نفسه الذي بدأه في مكة وهو خط المسالمة والموادعة للناس كافة، والدعوة غلى دينه بالحكمة والموعظة الحسنة، ورفض سلوك العدوان والإرهاب، بل حتى والقتال، إلا مع أولئك الذين يعتدون عليه ويحولون دون انتشار عقيدته ودينه الجديد.
ذلك لأن الناس كل الناس سواء، في أن الله قد خلقهم من بطون أمهاتهم أحراراً، لا يملك أحد حق احتجاز حرياتهم هذه، أو اقتناص كراماتهم ومنعهم من ممارستهما في الاعتقاد والقول والفكر والسلوك، ما دام كل ذلك ف يحدود ما أجازته لهم القوانين وسمحت لهم به الشرائع العادلة.
13 - مسالمته كل الناس:
أن منهجه المسالم والموادع لم يكن متبعاً مع فئة دون أخرى أو قوم دون قوم آخرين.
بل مع الناس جميعاً من كل الفئات والطبقات والاتجاهات والانتماءات.
لأن مهمته كانت إبلاغ الناس كافة رسالة ربه وإنارة نفوسهم وقلوبهم بهداها ليسترشدوا بضيائها.
وما أروع قوله تعالى:
(وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم ابلغه مأمنه).
وإن هذه الأمور وسواها مما قد نكون غفلنا عنه، عملت متحدة…

الصفحة 313