316…حديثه الذي يقول فيه:
" يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، فقال قائل:
ومن قلة نحن يومئذ؟ قال: بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل ولنزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن.
قال قائل:
يا رسول الله!! وما الوهن؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت " (1).
وهم فوق هذا صاروا عرضة للاستنزاف بما يثيره أعداؤهم بينهم من فتن يدفعونهم إلى خوض غمارها والاصطلاء بنيرانها ليشغلوهم بها عن أنفسهم وعن أغراضهم.
ومن أبرز هذهالفتن، ما يبتعثونه فيهم من نزاعات شخصية وخلافات سياسية، قومية ومذهبية، ليسلطوا بعضهم على بعض بالبغي والعدوان.
وكلها من الأمور التي نبهنا الله تعالى إلى خطورتها وأهوالها ومصائبها بقوله:
(ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون) (2) وقوله:
(ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم) (3).
وفي ختام هذه الآية ما فيه من التهديد، وذلك عندما يخبرنا بأن هؤلاء الذين اختلفوا وتنازعوا فشلوا وذهبت ريحهم وضاعت دولتهم ثم لهم في الآخرة كما كان لهم في الدنيا عذاب عظيم.
وكأنه يطلب غليها - والله أعلم - أن نعتصم بحبله ونتمسك بهديه.
وذلك واضح في الآية الأولى التس سبقت على هذه والتي يقول فيها الله تعالى: (واعتصموا…
__________
(1) عون المعبود شرح سنن ابي داوود 11/ 404، كتاب الملاحم.
(2) الحشر /19.
(3) آل عمران /105.