44…الإيمان به وبرسالته، والدفاع عنه وعنها، مع يقينهم بأنه سيترتب عليهم إزاء ذلك أعباء مادية، وتكاليف ومتاعب حياتية ومصائب وآلام. وبخاصة وأنهم سيتصدون لقريش ولزعامتها العربي والدينية المرموقة في أطراف الجزيرة العربية كلها.
وإن الحوار الذي سجلته كتب السيرة بن عم النبي صلى الله عليه وسلم العباس رضي الله عنه، والذين حضروا بيعة العقبة الكبرى ليرينا أنه رضي الله عنه قال لهم: "يا معشر الخزرج إنكم قد دعوتم محمداً إلى ما دعوتموه إليه، ومحمد من أعز الناس في عشيرته يمنعه والله منا من كان على قوله، ومن لم يكن منا عل قوله، يمنعه للحسب والشرف.
وقد أبى محمد الناس كلهم غيركم.
فإن كنتم أهل قوة وجلد وبصر بالحرب واستقلال بعداوة العرب قاطبة ترميكم عن قوس واحدة، فارتأوا رأيكم وأتمروا أمركم ولا تفترقوا إلا عن ملأ منكم واجتماع، فإن أحسن الحديث أصدقه " فقال البراء بن معرور:
"قد سمعنا ما قلت. وإنا والله لو كان في أنفسنا غير ما ننطق به لقلناه. ولكنا نريد الوفاء والصدق وبذل مهج أنفسنا دون رسول الله صلى الله عليه وسلم " قال وتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن ثم دعاهم إلى الله ورغبهم في الإسلام، وذكر الذي اجتمعوا له. فأجابه البراء بن معرور بالإيمان والتصديق ثم قال: "يا رسول الله بايعنا فنحن أهل الحلقة {السلاح والدروع خاصة} ورثناه كابراً عن كابر ".
قوتهم العددية:
ولعل مرد هذا البأس الذي اتصفت به عرب يثرب قبل هجرة الرسول كثرة عددهم التي كانوا بها يجابهون الأعداء وعليها يعتمدون في…
__________
(1) الطبقات الكبرى لابن سعد 1/ 206.