45…عزيمة التصدي قبل كل شيء. ولقد أجرى بعض الباحثين دراسة أولية عن عدد رجال الأوس والخزرج المقاتلين في الجاهلية، فرأى أنه في ضوء عدد محاربيهم يوم فتح مكة وهو الوقت الذي كانوا قد دخلوا فيه كلهم في الإسلام، قريب من أربعة آلاف مقاتل، ولم يكن بين يوم الفتح ويوم بعاث أكثر من اثنتي عشرة سنة.
وهي فترة لا تيسر زيادة عددهم كثيراً وإن عد المقاتلبين من اليهود من جميع قبائلهم لم يكن يتجاوز الألفي مقاتل ..
والمفروض ألا ننسى أن يثرب لم تستطع يوماً في جاهليتها أن تجمع كل رحالها من حملة السلاح في حرب واحدة ضد عدو قط، لما عرفنا من قبل من قيام النزاع الداخلي بين بطونها.
ولكنها إذ تحولت في الإسلام إلى حال أخرى وذات جديدة، فقد أمكنها له فيه كما عرفنا أربعة آلاف مقاتل، أي ما يقارب نصف جيش المسلمين من هذه الغزاة؟ علاقة سكان يثرب مع الجوار:
وأياً ما كان، فقد ثبت مع ذلك أن علاقة سكان يثرب مع الجوار كانت علاقة احتياط وحذر وتربص.
وكانت بينهم لذلك وبين بعض سكان الجوار محالفات كما شاهدنا، فكانت محالفات بين بعض بطون الأوس وقبائل سليم ومزينة التي كانت تعيش شرقي يثرب، كما كانت محالفات بين بطون من الحزرج وقبائل جهينة التي كانت تعيش غربي المدينة، وقبائل أشجع التي كانت تنيخ في شمالها الغربي.
وكذلك كانت أيضاً تعقد مثل هذه المحالفات بين اليهود وهؤلاء، ولكن دون المستوى الذي كانت تعقد عليه محالفات عرب يثرب.
وذلك…