46…لأن اليهود قوم تغلب عليهم الأنانية، وتظهر فيهم طبيعة الإنكماش والإنطواء.
قال المؤرخ الكبير جواد علي:
"ووادي القرى هو من المواضع التي عصت باليهود فكان أكثر أهله منهم.
وكان يهوده من المزارعين.
وحفروا فيه الآبار وتحالفوا مع الأعراب وعاشوا معهم متحالفين" (1) ثم يقول في موضع آخر:
" ولم يتمكنوا من إنشاء الممالك.
وحكومات يحكمها حكام اليهود.
بل كانوا مستقلين في حماية سادات القبائل يؤدون لهم الأتاوة في كل عام مقابل حمايتهم لهم ودفاعهم عنهم، ومنع الأعراب من التعدي عليهم.
وقد لجأوا إلى عقد المحالفات معهم فكان لكل زعيم يهودي حليف من الأعراب، ومن رؤساء العرب المتحضرين ".
ونفهم من ه1ا أن علاقات اليهود مع من حولهم لم تكن تخلو من الحذر والخولف، وأنهم كانوا يحاولون تبديد ذلك ببعض المحالفات مع رؤساء القبائل وبالأتاوات والهدايا التي كطانوا يقدمونها لهم.
ولم يكن هذا هو الأسلوب الوحيد ال1ي كانوا يركنون إليه لدفع غائلة العدوان العربي من حولهم عليهم، بل كانوا يلجأون إلى تمثيل دور إبليس في الدس والوقيعة وإثارة المنازعات بين البطون العربية المحيطة بهم ليكون لهم من خلافهم وحروبهم مندوحة للتنفس، وفرصة للإحتفاظ بمركز القوة.
لأنم نشوء الحرب والمنازعات بين القبائل العربية يضعف قوتها ويشل عزائمها ويشغلها عنم بمصائبها؟ …
__________
(1) المفصل في تاريخ العرب لجوار علي 6/ 529.