49…المدينة يولونه للأشجار والزرع على اختلافه من رعاية خاصة وعناية مبيرة.
ولقد كان من أهل المدينة من يملك الأراضي الواسعة فيستصلحها ويزرعها أو يزارع عليها أو يكريها.
ومنهم من كان يملك قطعة من الأرض صغيرة المساحة فيزرعها بنفسه ويستغلها بجخده دون الإستعانة بأحد.
ومنهم من لم يكن يملك أرضاً، غير أنه كان يزارع أصحاب الأرض الواسعة من أبناء مدينته، ويعمل عندهم بأجر يدفعونه له لقاء عمله، فيزارع مثلاً أصحاب الأرض على ثلث محاصيلها أو على ربعها أو على نصفها أو بأسلوب آخر، ذلك لأن التعامل في ذلك لم يكن بالدنانير ولا بالدراهم.
جاء في البخاري عن أبي جعفر قال: "ما بالمدينة أهل بيت هجرة إلا يزرعون على الثلث والربع.
وزارع علي وسعد بن مالك وعبد الله بن مسعود وعمر بن عبد العزيز والقاسم وعروة وآل أبي بكر وآل عمر وآل علي وابن سيرين.
وعامل عمر الناس على أنه إن جاء عمر بالبذر من عنده فله الشطر، وإن جاءوا هم بالبذر فلهم كذا".
وعن نافع عن ابن عمر قال: عامل النبي صلى الله عليه وسلم خيبر لشطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع (1).
وروى عن ابن عباس قال: "دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر أرضها ونخلها إلى أهلها مقاسمة على النصف" (2).
وهذا الخبر وسواه كثير يؤخذ منه، أن أغلب سكان المدينة كانوا…
__________
(1) صحيح البخاري 4/ 156.
(2) الأموال لأبي عبيد القاسم بن سلام 108.