كتاب مجتمع المدينة قبل الهجرة وبعدها

52…شجرها الصالح يقول الله تعالى: (والله جعل لكم من بيوتكم سكناً وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتاً تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثاً ومتاعاً إلى حين) (1).
وأياً ما كان الأمر فقد كانت تربية الأغنام والمواشي والعناية بها والإستفادة من عطائها، تشكل بالإضافة إلى الزراعة والتجارة مورداً ثالثاً من موارد الرزق لدى أبناء المدينة قبل هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم، ونمطاً آخر من أنماط التعامل الحياتي يحركون به دورة السعي الاجتماعي.
الصيد:
وكان أيضاً لعدد كبير من سكان المدينة منتجع آخر يجدون فيه مجالاً للسعي في الأرض، ويحسن بنا ألا نغفله ونحن نتكلم عن المواشي ورعايتها عندهم، وهو الصيد الذي كان يمثل هواية فطرية يمارسها العرب قاطبة بما فيهم سكان المدينة منذ نعومة أظفارهم، أهل وبر كانوا أم سكان حضر.
وكانت الصحراء ما تزال بكراً تعج بأنواع الصيد من الغزلان والأرانب والضباب والحمر الوحشية والبقر وغير ذلك.
وكانوا لممارسة هذه الهواية يمتطون صهوات الخيول ليطاردوا الطريدة، ويستخدمون السهام أو الرماح أو الكلاب المعلمة، ويطلقون على بعضها البرزاة.
كما يتسخدمون الشبال بأساليب متنوعة فيدسوا بعضها تحت التراب، أو يتركوها ظاهرة حسب نوع الطريدة التي يرغبون في صيدها.
وكان صيد سكان المدينة مقصوراً على العموم على صيد البر، لأن المدينة قائمة في عرض الصحراء بعيدة عن البحر، مما لا ييسر لأبناءها…
__________
(1) النحل/ 80.

الصفحة 52