54…قال فأخذ أبو عبيدة ضلعاً من أضلاعه فرحل بها أجسم من بعير من أباعر القوم فأجاز تحتها، فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما حبسكم"؟ تتبع عيرات قريش.
وذكرنا له من أمر الدابة فقال: "ذلك رزق رزقكموه الله عز وجل.
أمعكم منه شيء؟ قلنا:
نعم" (1).
الصناعة:
ولا يسعنا ونحن نتحدث عن وسائل الإرتزاق عند سكان المدينة قبل الهجرة إلا أن نتطرق إلى الحديث عن الصناعة فيهم.
فقد ثبت أنه كان لها فيهم رواج، وإن سكانها وبخاصة اليهود منهم كانوا يحترفون بعض الحرف يرتزقون منها كصياغة الحلي وصناعة الدروع والسيوف والسهام وآلات الزراعة حتى قيل إن أجود السهام سهام يثرب.
وكانت تشتهر فيهم أيضا ً صناعة الخمر من التمر والبسر، وكانوا يسمونها الفضيخ.
وقد ورد في البخاري عن أنس بن مالك قال: كنت ساقي القوم في منزل أبي طلحة وكان خمرهم يومئذٍ الفضيخ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم منادياُ ينادي:
"ألا إن الخمر قد حرمت قال أبو طلحة" أخرج فأرهقها.
فخرجت فأهرقتها فجرت في سكك المدينة".
وورد أن المسلمين وجدوا في غنائم بني قريظة خمراً وجرار سكر فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإهراقها" (2).
واشتهرت فيهم كذلك صناعة الخوص من سعف النخل يضعون فيها المكاتل، وصناعة القفف، كما كانوا يصنعون أبواب المنازل ونوافذها بما عرفوه من فن النجارة.
ويصنعون اثاث المنازل منالكراسي…
__________
(1) جامع الأصول في أحاديث الرسول لابن الأثير 7/ 44.
(2) أمتاع الأسماع للمقريزي 1/ 245.