57…وقد جاء الإسلام ورأى هذه الأساليب في التعامل بعد دخول النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فحرم منها الكثير، حرم الربا والغش والتناجش والتطفيف في الكيل والميزان وبيع الخمر ونهى عن بيع الغرز وغيره مما كان يسيء إلى الناس ويثير بينهم الخلافات والشحناء والبغضاء.
أثر الأسواق:
على أن كل هذا كان من العوامل ذات الأثر الحسن في تنشيط حركة التجارة والصناعة والزراعة وجلب البضائع على اختلاف اصنافها إلى المدينة.
بل كانت سبباً لا ينكر في ازدهار الحياة الاجتماعية في المدينة، وخلق وشائج الصلة مع المناطق والبلدان الأخرى، وتنشيط الأسفار والرحلات بحثاً عن الرزق والكسب.
فكانوا يرحلون إلى بلاد الشام وإلى اليمن ويمرون في اسفهارهم على قرى وبلدان متعددة من الشمال والجنوب، كما كانوا يركبون في بعض الأحيان متون البحار وينتقلون إلى بلاد فارس والهند والصين، لاستيراد أنواع الأنسجة والأقمشة والأسلحة والعطور والأطعمة، فيتيسر لهم بذلك المشاركة في الأسواق العربية وغير العربية ويشترون منها ما يحلوا لهم أو يحتاجونه.
ولا ريب أن هذا قد شجع غير العرب من سكان بلاد الشام وفارس على حمل بضاعتهم إلى أسواق المدينة كما كان يفعل الأنباط.
ولا يستبعد أنه كان يفد عليهم غير هؤلاء من ابناء الأقطار الأخرى حاملين إليهم ما تنتجه بلادهم من أنواع البضاعة ونتائج الصناعة.
وقد أى القرآن الكريم على ذكر صور من هذا الترحال في سبيل الحصول على الميرة وعلى أنواع البضاعة للتجارة والإرتزاق في الجزيرة…