كتاب مجتمع المدينة قبل الهجرة وبعدها

58…وفي تخومها فسرد لنا قصة إخوة يوسف الذين كانوا يأتون مصر من فلسطين ليميروا أهلهم بقوافل تحمل منها القمح وأنواع الحنطة التي يفتقرون إليه (1) ومن على العرب بما يسره لهم في قديم الزمن من الرحلات الموسمية في الصيف والشتاء، يضربون فيها في الأرض يبتغون من فضل الله.
ويقول تعالى:
(لإيلاف قريشٍ إيلافهم رحلة الشتاء والصيف فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف) وقال: (إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثله وطائفة من الذين معك.
والله يقدر الليل والنهار، علم أن لن تحصوه فتاب عليكم فارقوا ما تيسر من القرآن علم أن سيكون منكم مرضى وآخرون يضربون في الأرض يتبعون من فضل الله) (2).
صورة عن النقد المتداول والكيل والميزان:
وقد عرفوا التعامل بالنقد، فاتخذوا الدنانير من الذهب.
وكان منها المضروب والمنقوش من صنع فارس والروم، وغير المضروب والمنقوش من صنع اليمن.
وكانت الدنانير المستوردة من الروم تحمل صورة ملكم واسم ضاربها باللغة الرومية ويسمونها الهرقلية، واستعملوا الدراهم، وكانت مصوغة من الفضة وكانوا يستعملونها من صنع فارس مضروباً عليها صورة كسرى واسمه باللغة الفارسية".
ولم يعرف العرب في جاهليتهم في كل مناطق الجزيرة عملة مضروبة لحسابهم وخاصة بهم (3).
وكان لهم كاييل وموازين يعتمدونها في تقدير محاصيلهم…
__________
(1) سورة يوسف من 56 - 80.
(2) المزمل/ 20.
(3) التراتيب الإدارية للكتاني 1/ 413.

الصفحة 58