62…وسلاسة لغتها وبراعتها في التجارة، وتحدثوا عن عمق تفكير أهل اليمن واشتهارهم بالحكمة حتى قالوا " الحكمة يمانية " (1).
وعلى كل حال فقد كانت ثمة طباع عامة يشترك فيها العرب ولا يكادون يختلفون، فلا يفترق فيها ابن الحجاز عن ابن نجد، وساكن اليمن عن ساكن حضرموت وعمان ولا ابن المدينة عن ابن مكة.
ومما هو شائع فيهم النزوع إليه، الإعتداد بالنفس والفخر إلى حد الزهو بحيث إذا تكلموا رفعوا أصواتهم وبدت الخشونة في كلماتهم.
وإذا تعاملوا مع سواهم ظهر الحذر عليهم خشية أن يقع بهم الغدر.
فاستعلنت فيهم الخشونة، وبدا فيهم غلظ الطبع وقسوة التعبير.
وقديماً قيل:
" من بدا جفا ".
وإن من سماتهم في الغالب الجهل حتى في شؤونهم الخاصة من عقيدة ودين.
وكذلك الحقد حتى يأخذوا بثأرهم.
وهم ماديون أنانيون يستأثر بنفوسهم الطمع، ولا يخضعون إلا للسطو والقوة، وهم سريعو التقلب والتغير.
ومن أخلاق العربي الحنين إلى الوطن، والشعور العميق بكربة الغربة.
رغم ما في حياتهم كلها من جمود ورتابة، ورغم ما يتخللها من مظاهر الحرمان والفقر والشظف والقسوة.
التعصب للتقاليد:
ومن أبرز ما كان يتصف به العربي بصورة عامة أنه شديد التعصب لتقاليده وأعرافه، عظيم الإرتباط بمسيرة الآباء والأجداد، حريص على اقتصاص آثارهم والإقتداء بهم.
وقد بلغ من شدة تعصبهم لتقاليدهم أن…
__________
(1) المفصل في تاريخ العرب لجواد علي 4/ 291 - 299.