كتاب مجتمع المدينة قبل الهجرة وبعدها

7…
مقدمة
أخطأ عدد من المفكرين والكتاب الغربيين، إذ وصف الإسلام بأنه دين السيف والقوة، وجاراهم بذلك بعض أبناء هذا الشرق، وبالذات ممن لم يتزودوا بالثقافة الإسلامية، ولم يتعمقوا بدراسة طبيعة الإسلام دراسة تجعلهم يتمكنون من التعرف إلى خطوطه العريضة في السلوك وأصوله الراسخة في التعامل.
ولقد ظلم هؤلاء وأولئك هذا الإسلام، لأنهم وصفوه بغير ما فيه، ونسبوا إليه ما ليس منه. وذلك لأن السيف، والقوة مقترنة به، يعنينان البطش والعلو في الأرض. وهما ما شجبهما الإسلام في غيره ... في فرعون إذ يقول فيه رب العالمين: (إن فرعون علا في الإرض وجعل أهلها شيعاً يستضعف طاففة منهم يذبح أبناءهم ويستحي نساءهم إنه كان من المفسدين) (1) ثم يتابع فيصف من شاء لهم استلام زمام الأمر والحكم من بعد فرعون فيقول فيهم: (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين) (2) ويقرر بعد ذلك أن الدار الآخرة ستكون خالصة للصالحين الذين يحسنون إلى الناس ولا يقهرونهم فيقول: (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين، لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً والعاقبة للمتقين).
ويخطئ من يصف الإسلام بأنه دين العلم فقط، لأن العلم وسيلة لا غاية. وكلما كانت الوسيلة خالية من الشوائب نقية من عناصر الفساد صادقة، كانت الغاية…
__________
(1) (2) القصص.

الصفحة 7