8…كذلك.
وإذا دخل الوسيلة شيء من الفساد، انتقل بطبيعة الأمر إلى الغاية، فعطل الكثير من ركائزها وأضعف من معناها وهدفها وفاعليتها.
إن الإسلام دين يحض على النظر في معالم الكون واستنباط المعارف التي تصلح لنفع الإنسان، وتخفف بعض متاعب حياته ومعاشه.
وهو يشجع أيضاً على طلب العلم والصبر في تحصيله، لأنه مدخل إلى الهدى وطريق إلى الحق والعدل والخير.
ولكنه في الأساس بعث به محمداً صلى الله عليه وسلم ليتمم مكارف الأخرقا.
وليوفر بها للإنسان على الأرض وفي دروب الحياة ومسارحها عيشاً صالحاً آمناً، وتقلباً موفقاً محفوفاً بكل مقومات الحرية والكرامة والأمن وطمأنينة القلب.
والإسلام كدين يتطلع بما حمل من نظام وفلسفة ونهج، إلى أن يوضع موضع التنفيذ والتطبيق.
ولذلك فهو قد يحتاج إلى القوة، ولكن ليدافع عن وجوده ويصون كرامته وكرامة المؤمنين به، ويحمي حرياتهم وأبدانهم وأرواحهم ودماءهم وأموالهم وأعراضهم، يضمن أمنهم وطمأنينة نفوسهم وليس للعلو في الأرض والإفساد فيها، ولا لقهر الناس وظلمهم والبطش بهم وإذلالهم.
كما أنه يتوسل العلم لأنه آلة النفاذ إلىحقائق الأشياء، والتعرف إلى مقوماتها في الكون والناس وما حولهم من الكائنات على اختلافها، ولأنه أداة الإستبصار والهداية اللذين بهما يتأهل الإنسان ليتقي عوامل الأذى والشر والضلال، ولينفتح على منافذ البر والخير والحق، وليضمن لنفسه ولمن حوله عمارة الكون، وبناء حضارة تكفل لهم مساراً حياتياً أفضل، وتوفر لهم الأمن والكفاية.
بيد أن عصرنا اليوم على الرغم من قفزاته المشهودة في حقول العلم والتجربة، قد استغرق إلى حد عجيب في مظاهر الجهالة والضلال.
إذ هو مع تمكنه من ركوب متون البحار، واعتلاء أجواء الفضاء وقطع المسافات بأدنى الوقت، وغوصه في أعماق المحيطات وتعرفه إلى كثير من أسرارها، وتوصله إلى إقامة محطات في الفضاء، ونزوله على القمر وتعرفه إلى طبيعة أرضه ومناخه، وعلى الرغم من تعرفه إلى الكثير من أسرار الحياة عند الإنسان والحيوان والنبات، فإنه أخطأ إلى حد بعيد في الإستفادة من هذه النجاحات في تحسين علاقة الإنسان بأخيه…