كتاب الشهادة الزكية في ثناء الأئمة على ابن تيمية

وَمن جملَة مَا سُئِلَ عَنهُ وَهُوَ على كرسيه يعظ النَّاس والمجلس غاص بأَهْله فِي رجل يَقُول لَيْسَ إِلَّا الله وَيَقُول الله فِي كل مَكَان هَل هُوَ كفر أَو إِيمَان
فَأجَاب على الْفَوْر من قَالَ أَن الله تَعَالَى بِذَاتِهِ فِي كل مَكَان فَهُوَ مُخَالف للْكتاب وَالسّنة وَإِجْمَاع الْمُسلمين بل هُوَ مُخَالف للملل الثَّلَاث
بل الْخَالِق سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بَائِن من الْمَخْلُوقَات لَيْسَ فِي مخلوقاته شَيْء من ذَاته وَلَا فِي ذَاته شَيْء من مخلوقاته بل هُوَ الْغَنِيّ عَنْهَا الْبَائِن بِنَفسِهِ مِنْهَا
وَقد اتّفق الْأَئِمَّة من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَالْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة وَسَائِر أَئِمَّة الدّين أَن قَوْله تَعَالَى {وَهُوَ مَعكُمْ أَيْن مَا كُنْتُم وَالله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِير} الْحَدِيد 4 لَيْسَ مَعْنَاهُ أَنه مختلط بالمخلوقات وَحَال فِيهَا وَلَا أَنه بِذَاتِهِ فِي كل مَكَان بل هُوَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مَعَ كل شَيْء بِعِلْمِهِ وَقدرته وَنَحْو ذَلِك فَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مَعَ العَبْد أَيْنَمَا كَانَ يسمع كَلَامه وَيرى أَفعاله وَيعلم سره ونجواه رَقِيب عَلَيْهِم مهيمن عَلَيْهِم بل السَّمَوَات الأَرْض وَمَا بَينهمَا كل ذَلِك مَخْلُوق لله لَيْسَ الله بِحَال فِي شَيْء مِنْهُ سُبْحَانَهُ {لَيْسَ كمثله شَيْء وَهُوَ السَّمِيع الْبَصِير} الشورى 11 لَا فِي ذَاته وَلَا فِي صِفَاته وَلَا أَفعاله
بل يُوصف الله بِمَا وصف بِهِ نَفسه وَبِمَا وَصفه رَسُوله من غير تكييف وَلَا تَمْثِيل وَمن غير تَحْرِيف وَلَا تَعْطِيل وَلَا تمثل صِفَاته بِصِفَات خلقه
وَمذهب السّلف إِثْبَات من غير تَشْبِيه وتنزيه بِلَا تَعْطِيل وَقد سُئِلَ الإِمَام مَالك رَضِي الله عَنهُ عَن قَوْله تَعَالَى {الرَّحْمَن على الْعَرْش اسْتَوَى}

الصفحة 80