كتاب تصويبات في فهم بعض الآيات

عنك. فأنزل الله عز وجل: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ}.
وأنزل الله في أبي طالب، فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}.
من سبب النزول نعرف الهداية التي نفت الآية أن تكون بيد الرسول عليه السلام -والدعاة من بعده- إنها هداية التوفيق للإيمان وقذفه في القلوب، وهذه لن تكون بيد البشر، بل بيد الله وحده سبحانه.
أما هداية الدعوة والتبليغ، ونشر الإسلام بين الناس ونصحهم ووعظهم، فهذه بيد البشر، واجبةٌ على كل مسلم حتى قيام الساعة.
وكم يعجبني كلامٌ رائعٌ للإمام الراغب الأصفهاني في كتابه الرائع: " المفردات في غريب القرآن " عن الهداية وأنواعها، وما كان منها بيد البشر وما لم يكن قال: " الهداية دلالة بلطف، ومنه الهدية ".
وهداية الله تعالى للإنسان على أربعة أوجه:
الأول: هداية الفطرة: وهي الهداية التي عمّ بجنسها كل مكلف، من العقل والفطنة والمعارف الضرورية. كما قال تعالى: {رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى}.
الثاني: هداية الدعوة: وهي التي جعلها الله عن طريق دعوتهم إليه،

الصفحة 124