كتاب تصويبات في فهم بعض الآيات

هذه الهداية التي جعلتها الآيات السابقة بيد الدعاة هي هداية الدعوة إلى الله، والتذكير بالحق، والدلالة على الخير، والإرشاد إلى الصواب. وهم مأجورون عندما يقومون بها، ولو لم يستجب المدعوون لهم. وهم آثمون معذَّبون إن تخلّوا عنها، بحجة أن المدعوين لم يستجيبوا لهم.
أجر الدعاة على هذه الهداية، متحقق عند القيام بها، وأدائها -بصدق وإخلاص وهمة وجدِّية- وهذا الأجر معلَّق على قبول المدعوين واستجابتهم لهم.
على المدعوين القيام بالخطوة التالية، وهي أن يستجيبوا للدعاة، وأن يقبلوا منهم هديتهم الدعوية لهم، وأن يهتدوا بالهدى الذي دلّوهم عليه وأرشدوهم إليه. عليهم أن يفعلوا ذلك ليكونوا من المهتدين النّاجين الفائزين.
وهذا الاهتداء الذي يقومون به إنما هو لأنفسهم ولمصلحتهم.
قال تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ}.
بهذا البيان نقوم بالجمع والتوفيق بين الآيات المتقابلة -والتي تبدو متعارضة لذوي النظرة العجلى- وبهذا نفهم أنواع الهداية في القرآن، وما جعله في مقدور البشر منها، وما نفاه عنهم منها. وبهذا نعلم أن آية القصص -موضوع البحث- من النوع الثاني، وأن هناك آيات كثيرة من النوع الأول.
***

الصفحة 130