كتاب تصويبات في فهم بعض الآيات

{إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً (29) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (30) يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا}.
إنه لن يخرج عن مشيئة الله، لأنه لا يقع في الكون شيء إلا بعلم الله ومشيئته سبحانه -وإلا ما كان إلهاً- فهو الخالق لكل شيء: {إِنّا كل شَيْء خَلَقْناه بِقَدَر}.
ولهذا: فهو شاء كُفْر هؤلاء وشركهم، بمعنى أنهم لم يفعلوه رغماً عنه -سبحانه- ولا أنه لم يكن عالماً بما سيختارونه - سبحانه -: {وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (106) وَلَوْ شَاءَ اللهُ مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا}.
كل شيء يحدث -ومنه كفر الكافرين ومعصية العصاة- فبمشيئة الله سبحانه الذي ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن.
ولكن مشيئة الله لها مظهران وجانبان:
1 - مشيئة العلم: بمعنى علم الله بما سيكون، وما سيفعله هذا الإِنسان من خير أو شرّ، قبل أن يفعله هذا الإِنسان، وكون هذا الفعل في مشيئة الله وعلمه وتقديره قبل أن يخلق الكون وما فيه ومن فيه. وعلى هذا نحمل هذه النصوص:
{إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (27) لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}، {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا}.

الصفحة 160