كتاب تصويبات في فهم بعض الآيات

والكتاب في آية الأنعام يمكن أن يراد به علم الله الأزلي، ويمكن أن يراد به القرآن. لهذا وجب حمل آية الأنعام على آية هود، والقول بأن المراد بالكتاب في الآيتين هو علم الله الأزلي، نظراً لوحدة موضوع الآيتين.
الثالث: وردت كلمة " الكتاب " بمعنى علم الله الأزلي في غير الآيتين السابقتين، كما في قول الله تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ}.
وكما في قول الله تعالى: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ}.
وهذا لا ينفي ورود كلمة " الكتاب " بمعنى القرآن الكريم، حيث وردت آياتٌ كثيرة بذلك. منها قوله تعالى: {الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ}.
ومنها قوله تعالى: {الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ}.
الرابع: نفي التفريط عن الله في الكتاب، في قوله: {ما فَرطْنا في الكِتابِ مِنْ شَيْء} يدل على أن المراد به علم الله الأزلي.
قال الإمام الراغب في المفردات: " فرّط: إذا تقدم تقدماً بالقصد.
والإفراط أن يُسرف في التقدم. والتفريط أن يُقصر في الفَرَط وهو التقدم.
يقال: ما فرّطت في كذا: أي ما قصّرت ".

الصفحة 168