كتاب تصويبات في فهم بعض الآيات

ولذلك يقال: خذ الأمر بدون إفراطٍ ولا تفريط. أي بدون مبالغةٍ في التقدم، ولا مبالغة في التقصير والتأخر.
وينفي الله سبحانه -في الآية موضوع البحث- عن نفسه التقصير والتفريط في علمه بالأمم المختلفة، من الإنس والجنّ والطير والدّواب والحشرات. إذ أن كل ما يتعلق بها تفصيلياً، مثبتٌ في اللوح المحفوظ.
وقد ذهب كثيرٌ من أهل السلف إلى أن المراد بالكتاب في الآية اللوح المحفوظ، وعلم الله الأزلي الذي أحاط بكل ما هو كائن.
حيث أورد إمام المفسرين محمد بن جرير الطبري، طائفةً من أقوالهم في
ذلك: فعن ابن عباس - رضي الله عنهما -: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ}، ما تركنا شيئاً إلا قد كتبناه في أم الكتاب.
وعن الإمام ابن زيد قال: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ}. كلهم مكتوب في أم الكتاب.
وأورد السيوطي في " الدر المنثور " طائفةً أخرى من أقوالهم:
فعن قتادة قال: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ}: من الكتاب الذي عنده.
وعن ابن زيد في قوله: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ}. قال: لم نغفل الكتاب. ما من شيء إلا وهو في ذلك الكتاب.
وعن عبد الله بن زيادة البكري قال: " دخلتُ على ابنيْ بشر المازنيَّيْن -صاحبيْ رسول الله صلى الله عليه وسلم- فقلتُ: يرحمكما الله، الرجل منا يركب الدّابة، فيضربها بالسوط أو يكبحها باللجام، فهل سمعتما من رسول الله

الصفحة 169