كتاب تصويبات في فهم بعض الآيات

هذا وقد وردت آياتٌ صريحةٌ، تقرر وجوب هذا على كل مسلم:
قال تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ}.
وقال تعالى: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ}.
وقال لقمان لابنه وهو يعظه: {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}.
وقال تعالى عن المؤمنين الناجين من الخسران: {وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}.
فهذه الآيات مجتمعةً يؤخذ منها حكمٌ واحد، هو شمول هذا الواجب لكل مسلم ومسلمة. وهذه الآيات ترجح أن " مِنْ " في الآية -موضوع الكلام- للبيان وليست للتبعيض.
ولو كانت للتبعيض -كما قال الزمخشري في الكشاف- فإنها تتحدث عن مجموعةٍ مختارة في الدعوة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وعلى هذا الرأي لا بد أن نجمع بين هذه الآية وبين الآيات الأخرى التي توجب هذا الواجب على جميع المسلمين.

الصفحة 196