كتاب تصويبات في فهم بعض الآيات

للذم والعذاب. قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ}.
إن لسان الحال في الإسلام أبلغ من لسان المقال، والمعتمد في الإسلام هو العمل الذي يصدق القول، ولا يُلتفت لقول لم يصدقه العمل، وحتى الإيمان لا بد فيه من عملٍ صالح، يوافق القول والاعتقاد، ورحم الله الحسن البصري حيث يقول: " ليس الإيمان بالتّمنّي ولا بالتَّحلِّي، ولكنه ما وقر في القلب، وصدقه العمل ".
إذا ما اختلف القول والعمل فالمعتبر والمقبول هو العمل، لأن دلالة العمل أقوى من دلالة القول. فرق بين من يقول ويعمل، يقول: " سمعنا وأطعنا ". وبين من يقول ولا يعمل، يقول: " سمعنا وعصينا ".
الصحابة تلقوا الأوامر والتزموا بها، قالوا وعملوا والتزموا، {وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ}.
واليهود تلقوا الأوامر فخالفوها، أمرهم موسى عليه السلام أن يقولوا: سمعنا وأطعنا، فقالوا بألسنتهم: سمعنا وأطعنا، ولكنهم في مجال التنفيذ والالتزام عصوا وتمردوا، فرجح جانب فعلهم المخالف على جانب كلامهم الموافق، فقال تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}.
فلو قال الحكام ألف مرة إنهم يؤمنون بحكم الله، ويحبون شرع الله،

الصفحة 236