كتاب مجمل اللغة لابن فارس
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
[وبه أستعين]
(الحمد لله حمداً تقتضيه نعمه الدائمة ومنحه السالفة، وآلاء الله وصلواته على النبي المختار محمد وآله الأبرار) .
قال أبو الحسين أحمد بن فارس رحمة الله عليه: [إني حقا شاهدت كتاب العين الذي صنفه الخليل بن أحمد ووعورة ألفاظه، وشدة الوصول إلى استخراج أبوابه، وقصده إلى ما كان يطلع عليه أهل زمانه الذين جينوا على المعرفة، ولم يتصعب عليهم وعورة الألفاظ.
ورأيت كتاب الجمهرة الذي صنفه أبو بكر أبن دريد، وقد وفى بما جمعه الخليل وزاد عليه لأنه قصد إلى تكثير الألفاظ، وأراد إظهار قدرته، وأن يعلم الناظرين في كتابه أنه قد ظفر بما سقط عن المتقدمين وإن كان قصبُ السبق مسلماً لهم؛ لأن بناء المتأخر على ما قدموه] .
وبعد: وليك الله بصنعه، وجعلك ممن علت في الخير همته، وصحت فيه طويته، فإنك لما أعلمتني رغبتك في الأدب، ومحبتك لعرفان كلام العرب، وأنك شاممت الأصول الكبار، فراعك ما أبصرته من بعد تناولها، وكثرة أبوابها، وتشعب سبلها، وخشيت أن يلفتك ذلك عن مرادك.
وسألتني جمع كتاب في ذلك، يذلل لك صعبه، ويسهل عليك وعره، أنشأت كتابي هذا بمختصر من الكلام ريب، يقل لفظة، وتكثر فوائده، ويبلغ بك طرفا مما أنت ملتمسه، وسميتهُ مجمل اللغة؛ لأني أجملت الكلام (فيه) ، إجمالاً، ولم أكثرة بالشواهد، والتصاريف، إرادة الإيجاز.
فمن مرافقه قرب ما بين طرفيه، وصغر حجمه، ومنها حسن ترتيبه؛
الصفحة 75
1183