كتاب عجالة الراغب المتمني في تخريج كتاب «عمل اليوم والليلة» لابن السني (اسم الجزء: 2)

عن أبيه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "من جلس
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وذلك من طريق وهيب، عن سهيل، عن عون بن عبد الله لا ذكر لكعب فيه ألبتة، وبذلك أعله أحمد بن حنبل، وأبو حاتم، وأبو زرعة، وغيرهم؛ كما سأوضحه، وعندي أن الوهم فيها من الحاكم في حال كتابته في "علوم الحديث"؛ لأنه رواها خارجًا عنه على الصواب، رواها عنه البيهقي في "المدخل"، ومن طريقه الحافظ أبو القاسم ابن عساكر في "تاريخه" .. الخ كلامه.
وقال الدارقطني في "العلل" (8/ 203 - 204): "وخالفهم وُهَيب بن خالد: رواه عن سهيل، عن عون بن عبد الله قولَه.
وقال أحمد بن حنبل: حدّث به ابن جريج عن موسى بن عقبة، وفيه وهم، والصحيح: قول وُهيب. وقال -يعني أحمد-: وأخشى أن يكون ابن جريج دلّسه عن موسى بن عقبة: أخذه من بعض الضعفاء عنه. والقول؛ كما قال أحمد".
وفي "العلل" لابن أبي حاتم (2/ 195): "سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه ابن جريج -فذكر الحديث-؛ فقالا: هذا خطأ، رواه وُهيب عن سهيل عن عون بن عبد الله موقوف، وهذا أصحُّ. قلت لأبي: الوهمُ ممّن هو؟ قال: يحتمل أن يكون الوهم من ابن جريج، ويحتمل أن يكون من سهيل، وأخشى أن يكون ابن جريج دلّس [تحرف في المطبوع إلى: وليس] هذا الحديث عن موسى بن عقبة ولم يسمعه من موسى, أخذه من بعض الضعفاء. سمعت أبي مرة أخرى يقول: لا أعلم روى هذا الحديث عن سهيل أحدٌ إلاَّ ما يرويه ابن جريج عن موسى، ولم يذكر ابن جريج فيه الخبر، فأخشى أن يكون أخذه عن إبراهيم بن أبي يحيى، إذ لم يروه أصحاب سهيل".
قلت: أما الخشية من تدليس ابن جريج؛ فقد قال الحافظ في "النكت" (2/ 724): "فقد أمناها لوجودنا هذا الحديث من طرقِ عدة عن ابن جريج قد صرّح فيها بالسماع من موسى".
ثم قال (2/ 725 - 726): "وبقي ما خشيه أبو حاتم من وهم سهيل فيه، وذلك أن سهيلًا كان قد أصابته علّة نسي من أجلها بعض حديثه، ولأجل هذا قال أبو حاتم: يكتب حديثه، ولا يحتجُّ به. فإذا اختلف عليه ثقتان في إسنادٍ واحد: أحدهما: أعرف بحديثه -وهو: وُهيب- من الآخر -وهو: موسى- قَوِيَ الظنّ بترجيح رواية وهيب؛ لاحتمال أن يكون عند تحديثه لموسى بن عقبة لم يستحضره؛ كما ينبغي، وسلك فيه الجادّة، فقال: (عن أبيه عن أبي هريرة)؛ كما هي العادة في أكثر أحاديثه؛ ولهذا قال البخاري في تعليله: "لا نعلم لموسى سماعًا من سهيل"؛ يعني: أنه إذا كان غير معروف بالأخذ عنه، ووقعت عنه رواية واحدة خالفه فيها من هو أعرف بحديثه وأكثر له ملازمة رجحت روايته على تلك الرواية المنفردة" أ. هـ كلام الحافظ.

الصفحة 509