كتاب مختصر الصارم المسلول لابن تيمية - البعلي - ت العمران - ط عالم الفوائد

إكرامه، كما يترك ما يعتقد وجوب فعله، ثم رأوا أن الامة قد كفرت
السافي، فقالوا: إنما كفر لان سئه دليل انه لا يعتقد انه حرام، واعتقاد
حقه (أي: السحث) تكذيب للرسول فكفر بالتكذيب لا بالاهانة، والاهانة
دليل التكذيب، فاذا فرض أنه في نفس الامر ليس بمكذب كان في نفس
الامر مؤمنا، وإن كتا نحكم عليه بالظاهر. فهذا مأخذ المرجئة
و لكرامية.
2 - وللجهمية مأخذ اخر، وهو أنه (أي: الساب) قد يقول بلسانه ما
ليس في قلبه، فإذا كان فيه التعظيم والتوقير للرسول لم يقدح إظهار
خلاف ذلك بلسانه في الباطن.
وجواب الشبهة الأولى من وجوه:
الأول: أن الايمان أصله تصديق القلب، وهذا التصديق لابد أن
يورث حالا له وعملا، وهو تعظيم الرسول وإجلاله ومحبته، وذلك أمر
لازم كالتألم والتنعم عند الاحساس بالمؤلم والمنعم، كالنفرة و لشهوة
عند الشعور بالملائم و لمنافي. وإن لم تحصل هذه الحال لم ينفع ذلك
التصديق شيئا. وإنما يمنع حصوله وجود المعارض من حسد الرسول أو
التكبر أو نحوه، بل يكون ذلك المعارض موجبا لعدم المعلول الذي هو
حال القلب، فيزول التصديق الذي هو العلة، فيذهب الإيمان بالكلية من
القلب، وهذا الموجب لكفر من حسد الانبياء أو تكبر عليهم.
الثاني: أن يقال: كلام الله خبر وأمر، فالخبر يستوجب التصديق،
و لامر يستوجب الانقياد والاستسلام، فان حصل التصديق والانقياد
حصل أصل الإيمان في القلب وهو الطمأنينة والاقرار.
11

الصفحة 11