كتاب مختصر الصارم المسلول لابن تيمية - البعلي - ت العمران - ط عالم الفوائد

فاذا تقرر ذلك؛ فالسبّ إهانة واستخفاف، ومحاذ أن يهين القلب
أو يستخف بمن انقاد له وخضع واستسلم، فاذا حصل في القلب
استخفاف واستهانة امتنع أن يكون فيه إيمان. وهذا بعينه كفر إبليس، إ ذ
هو لم يكذب خبرا، ولكنه لم ينقد للأمر بل استكبر عن الطاعة.
قال شيخ الاسلام: وهذا موضع زاغ قيه خلق من الخلف!
فاذا تقرر أنه لابذ من اجتماع التصديق بالخبر والانقياد للأمر الذي
هو موجب التصديق ومقتضاه وثمرته، فمن لم ينقد لامره فهو إما
مكذب له او ممتنع عن الانقياد لربه، وكلاهما كفر صريج. ومن
استخف به واستهزأ بقلبه امتنع أن يكون منقادا لامره، فالانقياد إجلال
واكرام والاستخفاف إهانة وإذلال، وهما ضدان، فمتى حصل في
القلب احدهما انتفى الاخر، فعلم أن الاستخقاف والاستهانة والسث
تنافي الإيمان منافاة الضذ للضذ.
الببالث: التفريق بين من يفعل الذنب تشهيا من غير معاندة أو
جحود أو ستكبار، وبين من يفعله جحودا ومعاندة.
ثم الامتناع و لاباء من الفعل إما لخلل قي اعتقاد حكمة الامر
وقدرته، فيعود هذا إلى عدم التصديق بصفة من صفاته، وقد يكون مع
العلم بجميع ما يصدق به تمردا أو اتباعا لغرض النفس، وحقيقته كفر.
هذا لانه يعترف لله ورسوله بكل ما أخبر به ويصدق بكل ما يصدق به
المؤمنون، لكنه يكره ذلك ويبغضه ويسخطه لعدم موافقته لمراده
ومشتهاه، ويقول: انا لا اقر بذلك ولا ألتزمه، وأبغض هذ الحق وانفر
عنه. فهذا نوع غير النوع الاول، وتكفير هذا معلولم بالاضطرار من دين
الاسلام، والقران مملوء من تكفير مثل هذا النوع، بل عقوبته أشد.
12

الصفحة 12