كتاب المنهج القويم في اختصار اقتضاء الصراط المستقيم

فالرسول بعثه الله إلى الخلق، وقد مقت أهل الأرض إلا بقايا من أهل الكتاب ماتوا أو أكثرهم قبل مبعثه، والناس أحد رجلين: إما كتابي معتصم بكتاب: إما مبدل، وإما مبدل منسوخ، ودين دارس بعضه مجهول وبعضه متروك، وإما أمي من عربي وعجمي مقبل على عبادة ما استحسنه وظن أنه ينفعه من نجم أو وثن أو قبر أو تمثال أو غير ذلك، والناس في جاهلية جهلاء، فهدى الله الناس ببركة محمد صلى الله عليه وسلم وبما جاء به من البينات والهدى هداية جلت عن وصف الواصفين، وفاقت معرفة العارفين، فلله الحمد كما يحب ربنا ويرضى، بعثه بدين الإسلام الذي هو الصراط المستقيم، وفرض على الخلق أن يسألوه هدايته كل يوم في صلاتهم، ووصفه بأنه صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، غير المغضوب عليهم ولا الضالين.
قال عدي بن حاتم رضي الله عنه أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد، وجئت بغير أمان ولا كتاب، فلما دفعت إليه أخذ بيدي، وكان قد قال قبل ذلك: إني لأرجو أن يجعل الله يده في يدي، قال:

الصفحة 18