كتاب المنهج القويم في اختصار اقتضاء الصراط المستقيم

وقال: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَا مِنْهُمْ وهم المنافقون الذين تولوا يهود باتفاق أهل التفسير، وسياق الآية يدل عليه.
وقال: ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وفي آل عمران: وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ فهذا بيان أن اليهود مغضوب عليهم.
وقال في النصارى: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ إلى قوله: قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ وهذا خطاب للنصارى كما دل عليه السياق؛ ولهذا نهاهم عن الغلو -وهو مجاوزة الحد- كما نهاهم عنه في قوله: لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا الآية.
ووصفُ اليهود بالغضب والنصارى بالضلال، فله أسباب ظاهرة وباطنة ليس هذا موضعها، وجماع ذلك أن اليهود كفروا عنادا؛ لأنهم يعلمون الحق، ولا يتبعونه عملا، والنصارى كفرهم من جهة عملهم بلا علم، بل هم مجتهدون في أصناف العبادات بلا شريعة من الله، ويقولون على الله ما لا يعلمون،

الصفحة 20