كتاب المنهج القويم في اختصار اقتضاء الصراط المستقيم

في مسألة فيكتم من العلم ما فيه حجة لمخالفه، وإن لم يتيقن أن مخالفه مبطل.
وقال: وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ بعد أن قال: وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ فوصف اليهود بأنهم كانوا يعرفون الحق قبل ظهور الناطق به، فلما جاءهم الناطق به من غير طائفة يهوونها لم ينقادوا له، وأنهم لا يقبلون الحق إلا من الطائفة التي هم منتسبون إليها، مع أنهم لا يتبعون ما لزمهم في اعتقادهم.
وهذا يبتلى به كثير من المنتسبين إلى طائفة معينة في العلم أو الدين من المتفقهة أو المتصوفة وغيرهم، أو إلى رئيس معظَّم في الدين غير -النبي صلى الله عليه وسلم- فلا يقبلون من الدين رأيا ورواية إلا ما جاءت به طائفتهم، ثم إنهم لا يعملون بما توجبه طائفتهم، مع أن دين الإسلام يوجب اتباع الحق مطلقا من غير تعيين شخص غير النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال في صفة المغضوب عليهم: يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ ويَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ والتحريف قد فُسّر بتحريف التنزيل وتحريف التأويل.
فأما تحريف التأويل فكثير جدا، قد ابتليت به طوائف من الأمة.
وأما تحريف التنزيل، فقد وقع في كثير من الناس يحرفون ألفاظ

الصفحة 24