كتاب المنهج القويم في اختصار اقتضاء الصراط المستقيم

فأما في زمان مطلق فلا جاهلية بعد مبعثه صلى الله عليه وسلم فإنه لا تزال من أمته طائفة ظاهرون على الحق إلى قيام الساعة.
والجاهلية المقيدة قد تقوم في بعض ديار المسلمين، وفي كثير من الأشخاص المسلمين، كما قال صلى الله عليه وسلم: أربع في أمتي من أمر الجاهلية وقال لأبي ذر: إنك امرؤ فيك جاهلية فالرجل -مع فضله وعلمه- قد يكون في بعض الخصال المسماة بجاهلية ويهودية ونصرانية، ولا يوجب ذلك كفره ولا فسقه، وكذا قوله: خصلتان هما بهم كفر فنفس الخصلتين كفر حيث كانتا من أعمال الكفار، وهما قائمتان بالناس، وليس كل من قام به شعبة من الكفر يصير كافرا الكفر المطلق، كما أنه ليس كل من قام به شعبة من شعب الإيمان يصير مؤمنا حتى يقوم به أصل الإيمان، وفرق بين الكفر المعرف باللام وبين المنكر في الإثبات، وفرق بين معنى الاسم المطلق إذا قيل: كافر أو مؤمن وبين المعنى المطلق للاسم في جميع موارده، كما قال: لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض.

الصفحة 48